Wednesday, April 12, 2006

Text 4: Arabic Original


ما كدت أدلف إلى القسم ومعي الحرس حتى أحسست بانقباض مفاجىء . لم تكن تلك أول مرة أدخله ولكنها كانت المرة الأولى التي أرى القسم فيها في الليل ، ولهذا شعرت حين تخطيت الباب أني أدلف إلى خندق سفلي لا يمت إلى الحاضر ولا حتى إلى الماضي القريب ... جدران يكسوها حتى منتصفها سواد على هيئة طلاء وكآبة تكسو نصفها الثاني .. وبقع بيضاء مبعثرة هنا وهناك لا تخفف السواد بقدر ما تظهر بشاعته . وأرض لزجة لا تدري إن كانت من الأسفلت أو من الطين ورائحة ... رائحة لا تستطيع أن تحدد كنهها وإنما لا بد أن تحس معها بغثيان ، وضوء باهت يأتي من مصابيح بالغة القدم عشش عليها الذباب وباض ... مصابيح معظم ضوئها محكوم عليها بالسجن المؤبد داخلها والقليل الذي يتسلل منها هرابا لا يبدد الظلام بقدر ما يحتمي به ويتستر وإن وقع على الأشياء والناس فإنما ليظهر كل ما بها من حزن وقبح وبشاعة .
-- من رواية "جمهورية فرحات" – يوسف إدريس

No comments: